تعتبر مشكلة التدخين في النرويج من القضايا الصحية المهمة التي تؤثر على المجتمع بشكل كبير حيث يسعى الكثيرون إلى الحد من مخاطر التدخين من خلال تطبيق سياسات صحية فعالة تهدف إلى توعية الأفراد بمخاطر هذه العادة الضارة بالإضافة إلى توفير الدعم اللازم للإقلاع عنها وتعزيز نمط حياة صحي يعتمد على التوعية والتثقيف المستمر مما يسهم في تحقيق طموحات السياسات الصحية في تقليل نسب المدخنين وتحسين جودة الحياة في المجتمع النرويجي وتوفير بيئة أكثر صحة للأجيال القادمة من خلال تشجيع المبادرات المحلية والوطنية التي تدعم هذا الهدف وتحفز الأفراد على اتخاذ خطوات إيجابية نحو الإقلاع عن التدخين وتحقيق الرفاهية الصحية.
النرويج تسعى لمجتمع خالٍ من التبغ بحلول 2030
تواصل النرويج جهودها الطموحة لمكافحة ظاهرة التدخين، حيث أطلق وزير الصحة والرعاية الصحية، يان كريستيان فيستري، برنامجًا حكوميًا جديدًا يهدف إلى تقديم علاج مجاني للإقلاع عن التدخين، يشمل الإرشادات والأدوية على نفقة الدولة، وذلك في إطار خطة طموحة تهدف لجعل النرويج مجتمعًا خاليًا من التبغ والنيكوتين بحلول عام 2030. ومع ذلك، يواجه هذا التوجه جدلاً واسعًا حول مدى واقعيته وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات المتبعة.
انتقادات للبرنامج الحكومي
انتقد الباحث كارل إريك لوند من معهد الصحة العامة البرنامج الحكومي، حيث اعتبر أنه أكثر فائدة لشركات الأدوية منه للمدخنين، مشيرًا إلى أن غالبية المستهدفين، والبالغ عددهم نحو 300 ألف شخص، معظمهم من كبار السن وغير نشطين في سوق العمل، لا يمتلكون دافعًا قويًا للإقلاع عن التدخين. أضاف لوند أن التجارب السابقة أثبتت محدودية جدوى هذا النهج، رغم تسجيل نتائج إيجابية نسبياً في برنامج تجريبي أظهر أن 30% من المشاركين أقلعوا عن التدخين بعد تسعة أشهر.
سياسة "الحد من المخاطر" كخيار بديل
في المقابل، دعا لوند إلى تبني سياسة "الحد من المخاطر" كخيار واقعي يوازن بين الطموح والواقع، من خلال إتاحة منتجات أقل ضررًا مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن، وهي خيارات أثبتت نجاحها في دول مثل إنجلترا ونيوزيلندا، لكنها ما تزال محظورة في النرويج لأسباب سياسية أكثر من كونها علمية. وأكد لوند أن النيكوتين لا يُصنف كمادة مسرطنة من قبل الوكالات الصحية العالمية، مما يجعل تصحيح المفاهيم أساسًا لوضع سياسات صحية فعالة.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للجدل
تثير القضية أبعادًا اقتصادية بالإضافة إلى الجدل الصحي، إذ تحقق الدولة من ضرائب التبغ ما بين 6 و9 مليارات كرونة سنويًا، بينما تتحمل تكاليف علاج الأمراض المرتبطة بالتدخين. بعض السياسيين، مثل بورده هوكسرود من حزب التقدم، أعادوا التذكير بقضية الحريات الفردية، منتقدين الطابع التوجيهي للخطة الحكومية. وبينما تؤكد وزارة الصحة أن السجائر الإلكترونية ليست وسيلة موصى بها للإقلاع، يبقى السؤال قائمًا: هل الهدف هو إنقاذ المدخنين عبر توفير بدائل وخيارات متعددة، أم التمسك بنهج واحد لا يراعي اختلاف الفئات والواقع الاجتماعي؟
هذا النقاش يتطلب دراسة متأنية وشاملة، لضمان تحقيق الأهداف الصحية المرجوة مع مراعاة الاحتياجات الفعلية للمدخنين.