نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صانع بشوت سعودي يأمل توريث حرفته لأحفاده - أحداث اليوم, اليوم الجمعة 28 مارس 2025 01:20 مساءً
يراقب السعودي حبيب محمد في مشغله حفيديه الصغيرين وهما يطرّزان يدوياً أجزاء من بشت أسود اللون، آملاً أن يرثا يوماً هذه الحرفة اليدوية الدقيقة المهدّدة بالاندثار.
و«البشت» العباءة التي يرتديها الرجال في دول الخليج ليس لها كمّان، ولكن لها فتحتان من أجل إخراج اليدين، ويعدّ جزءاً مهماً من الهوية الثقافية في الخليج.
ولعقود طويلة، كان البشت يحاك يدوياً في عملية تستمر نحو أسبوع، وهو ثمرة سبع مراحل يقوم خلالها خياطون متخصصون بتطريز الياقة والذراعين بخيوط ذهبية، لكنّ دخول المكننة هدّد بإحالة هذه الحرفة إلى أدراج التاريخ.
وُلد محمد البالغ الآن 60 عاماً في مشغل للبشت يملكه والده في مدينة الهفوف في محافظة الإحساء في شرق السعودية. ومنذ أتمّ الخامسة من عمره، انغمس في الحرفة التي يقول إنها تشكّل «كل حياتي».
في متجره الصغير في قلعة الحرفيين في المدينة، يقول لوكالة فرانس برس «ولدتُ في مجلس خياطة، أفقت على الدنيا وأنا أرى والدتي تخيط، وأنا أرى إخواني وأولاد العم عند الوالد في مجلس الخياطة».
ويتابع الرجل الذي ارتدى ثوباً أبيض اللون وغترة حمراء، «منذ سن ثلاث أو أربع سنوات أرى البشوت فقط».
ودارت حياته حول البشت حتى أنه تزوج قريبة له ماهرة في تطريز ياقة البشت.
ولكنّ هذه الحرفة التي كانت تتمتع بمكانة كبيرة وجعلته يحيك البشوت لكبار الأمراء من العائلة الحاكمة تعرضت لضربة كبيرة مع دخول الماكينات إلى الصناعة وإغراق السوق بالمنتجات الصينية الرخيصة.
ويقول بحسرة «سادت حالة كساد... القطعة التي كنت أنفّذها بـ1500 ريال (400 دولار) عُرض عليّ أن أنفذها بـ150 ريالاً (40 دولاراً)».
وكانت أسعار البشوت تتراوح بين 1500 ريال إلى 6 آلاف ريال (1600 دولار) حسب الخامة المستخدمة، لكن باتت تباع الآن نسخ مصنوعة آلياً بنحو 100 ريال فقط (نحو 27 دولاراً).
وأدّى تراجع المكاسب إلى رفض ابنه الوحيد العمل في حياكة البشوت، لكنّ محمد لم يفقد الأمل في توريث حرفته «للمحافظة على التراث».
ويقول وهو يدقّ بمطرقة على التطريز المُذهب لتنعيمه «الآن أنا أعلّم أحفادي البنات والأولاد... بدأنا في التعليم هنا في المحل وفي البيت».
إلى جانبه، تحيك حفيدته فجر (10 سنوات) وحفيده غسان (9 سنوات) عباءتين صغيرتين.
ويتميز البشت بألوانه المختلفة مثل الرمادي والأسود والبني والرملي (البيج) وهو يعكس الهيبة والمكانة الاجتماعية لمرتديه.
والعام الماضي، ألزمت الحكومة السعودية مسؤوليها الكبار بمن فيهم الوزراء بلبس البشت أثناء الدخول إلى مقرات العمل والخروج منها وأثناء حضور مناسبات رسمية.
وعلى جدران محله، عُلّقت بشوت تبدو قديمة للغاية، ويقول محمد إنّ بعضها يرجع إلى 100 سنة وأكثر، وقد ورثها من أجداده.
وفيما يمسك ببشت بني اللون من صوف الغنم، يقول بفخر «هذا عرض عليّ فيه 200 ألف ريال (53 ألف دولار)، أنا أرفض بيعه لأنه يمثّل الحياة بالنسبة لي، يمثّل تاريخ البلد».
ويتابع بلهجة حازمة «سأورثها لأولادي وأحفادي وأوصيهم ألا يبيعوها نهائياً».
0 تعليق