نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صوت من لا صوت لهم.. اعترافــات يُكشــف عنهــا لأول مــرة - أحداث اليوم, اليوم السبت 29 مارس 2025 09:44 مساءً
في كتابه الجديد «صوت من لا صوت لهم: أكثر من سبعة عقود من المواجهة السياسية مع الصين من أجل شعبي»، يقدم الدالاي لاما الرابع عشر شهادة شخصية وعميقة تُجسّد مزيجاً من التأملات الروحية والسرد التاريخي والاعترافات التي يُكشف عنها لأول مرة، حول النزاع السياسي الطويل مع الصين دفاعاً عن شعبه، وهويته الثقافية والدينية.
صدر الكتاب باللغة الإنجليزية عن دار «ويليام مورو» في 11 مارس 2025، ويقع في 256 صفحة من القطع المتوسط، وهو وثيقة إنسانية نادرة تضيء على واحد من أطول وأعقد الصراعات غير المحسومة في العصر الحديث. يتناول هذا العمل الشامل، بأسلوب تأملي بعيد عن الحدة السياسية، المحطات المحورية في رحلة الدالاي لاما الذي وُضع في قلب عاصفة تاريخية منذ سنوات مراهقته الأولى. ففي عام 1950، وكان يبلغ من العمر ستة عشر عاماً، دخلت القوات الصينية إقليم التبت. بعد ثلاث سنوات فقط، التقى الدالاي لاما الشاب الزعيم الصيني ماو تسي تونغ في بكين، ليكتشف من خلال ذلك اللقاء ملامح المأساة القادمة. وبحلول عام 1959، اضطر إلى الفرار إلى الهند، حيث بدأ فصلاً جديداً من العمل في المنفى، بصفته قائداً روحياً وسياسياً لشعب مُشتت .
يقدّم الكتاب سرداً زمنياً للنزاع بين التبت والصين، ويتجاوزه ليشكّل رحلة تأمل إنساني عميق في معنى الفقد والمنفى، في تحدي الأمر الواقع دون الانجرار إلى الكراهية، وفي القدرة على الحفاظ على إنسانية المرء في وجه محاولات الطمس الثقافي والديني. يروي الدالاي لاما كيف حافظ على جوهره الروحي وسط التهديدات والمآسي، وكيف ظل صوتاً للكرامة في زمن الصمت المفروض.
يكشف الدالاي لاما أمام القارئ التبت كقضية إنسانية، وليست فقط جغرافية أو سياسية، ويسرد فصولاً من مقاومته السلمية التي واجه بها خمسة أجيال من القادة الصينيين: بدءاً من ماو تسي تونغ ، ويتأمل في التحولات الجيوسياسية في المنطقة، وفي الدروس التي يمكن أن يتعلّمها العالم من تجربة شعب يسعى إلى الحفاظ على لغته وثقافته ودينه . كما يسلط الضوء على دور الجالية التبتية في الشتات، وجهودها في الحفاظ على تراثها الحيّ.
ما يُميز هذا العمل أيضاً هو الجمع بين التجربة الذاتية ورؤية إنسانية شاملة، فهو ليس كتاباً عن مأساة فقط، بل عن الرجاء الذي لا ينطفئ، حيث يظهر ذلك في اللغة الهادئة التي يعتمدها الدالاي لاما، وفي نبرة الأمل التي تخترق السطور حتى في أكثر اللحظات ألماً. يمكن للقارئ أن يشعر بأنه صوت متجذر في التاريخ، ومُمتد نحو المستقبل، يعبّر عن آمال شعب بأكمله لا يزال ينتظر أن يُسمع صوته على الساحة الدولية.
الدالاي لاما، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1989، والملقب بأحد أبرز دعاة السلام واللاعنف في العالم، يضع بين أيدينا كتاباً يُذكّر القارئ بأن العمل من أجل الحرية والكرامة يمكن أن يكون مساراً طويلاً، ولا يفقد معناه ما دام هناك من يحمل الشعلة ويروي القصة.
يعيد هذا الكتاب تأكيد أهمية الأصوات التي لا تجد من يُنصت إليها، ويؤكد أن الرسالة لا تنتهي عند الحدود، وتستمر طالما بقي هناك من يؤمن بها. بهذا العمل، لا يسعى الدالاي لاما إلى تأجيج الخصومات، وإنما إلى لفت الأنظار إلى معاناة شعبه المستمرة، وإلى تقديم نموذج أخلاقي في كيفية المواجهة دون فقدان البوصلة الأخلاقية. إنه كتاب يتحدث عن السياسة بلغة الروح، وعن المنفى بلغة الحنين، وعن الأمل بلغة كلها أمل.
0 تعليق