نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«التنمّر».. ظاهرة تستدعي تعزيز ثقة الطلبة بأنفسهم - أحداث اليوم, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 10:16 مساءً
تحقيق: حصة سيف
«التنمّر» ظاهرة عالمية، يتعرض لها الكثير، خاصةً الطلبة، أكثر المتأثرين بعواقبها وانعكاساتها لصغر سنّهم، ولعدم تحملهم التأثيرات النفسية القاسية، الناتجة عن «التنمّر»، لذلك ركزت الجهات المختصة جهودها من أجل توعية المجتمع المدرسي بمخاطر التنمر وضرورة الحد منه، لكن رغم الجهود المبذولة مازالت «المواقف التنمّرية» تتكرر، وتخلف تأثيراتها على نفوس الطلبة ووعيهم.
قالت عائشة عبدالله، ولية أمر: إن «التنمّر من المعلم أصعب موقف ممكن أن يتعرض له الطالب، وإدارات المدارس لا بد أن تتخذ إجراء فوري تجاه مثل هذه المواقف، بمجرد أن يتقدم «الطالب» بالشكوى، وتطبيق المواثيق التربوية الموجودة، والتي تؤكد احترام العلاقة بين الطالب ومعلميه، من قبل الطرفين، ويجب على المدرسة ألا تغطي على المعلمين المُتنمّرين، أو تقف بجانبهم لصالح سمعة المدرسة.
وأوضحت عائشة أن ابنتها بالصف الثاني عشر، تعرضت لموقف من قبل إحدى المعلمات«الاحتياط»، حين تعرضت لسؤال من قبلها عن«أصلها»، مغلف بالاستهزاء أمام زميلاتها الطالبات في الفصل الدراسي، وحين اشتكت الطالبة للإدارة، وقّعت المعلمة على تعهد بعدم تكرار الموقف، لكنها بعد التوقيع سلطت المعلمة الطالبات على«ابنتي» وأصبحن يضايقنها في الفصل، مما حدا بها أن تغيب عن المدرسة لأيام متتالية، على أمل نسيان الموقف من كافة الأطراف، ولأن حالة «ابنتي» النفسية لم تكن تتحمل الذهاب للمدرسة.
صحة الأجيال
علي الشحي، عضو فريق الرقابة في منطقة رأس الخيمة التعليمية، أكد أن الأخصائي الاجتماعي يُطلع الطلبة وأولياء الأمور على«لائحة السلوك» في بداية كل فصل دراسي، تُرسل نُسخة منها لكل الطلبة وأولياء أمورهم، ويجتمع المرشد الأكاديمي مع الطلبة ويقدم لهم ورشاً تعريفية خاصة حول«التنمر»، ومخاطره وكيفية مواجهته، والإجراءات المتخذة بحق المُتنمّرين وضحاياهم، موضحاً أن الدولة، بكافة أجهزتها، جندت جهودها من أجل حماية صحة«الأجيال»، وخلوها من الأمراض، التي يمكن أن تؤثر في نفسياتهم، ومنها«التنمر».
ورأى أن الطالب أصبح يعي جيداً ما يجب فعله، إذا تعرض ل«التنمر»، وما هي حدود علاقاته وتصرفاته بين أقرانه، وبينه وبين معلميه، ومع الإدارة المدرسية
وأضاف علي الشحي أن الأخصائي الاجتماعي يسجل كافة المواقف، التي تُرصد بين الطلبة، وفي حال تكرار الموقف، يُعرض على الأخصائي النفسي، وبعض المدارس الخاصة وفرت أخصائياً نفسياً ليقف على مختلف حالات الطلبة، التي تعرض أصحابها ل«التنمر»، وغيرها من المواقف، التي يكون تدخله فيها مهمّاً جداً، ووجوده ومهامه أصبحت حيوية وبالغة الأهمية لجميع المدارس.
حُلول مُرتقبة
وقالت د. الفن الكتبي، دكتوراه في الصحة العامة والسلامة المهنية، خبيرة في التنمّر المدرسي: يُعد«التنمّر في المدارس» من الظواهر السلبية، التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الطلبة اليومية، في المدارس حول العالم، بما في ذلك الإمارات، واتضح ذلك بعد إتمام دراستي للدكتوراه، والتي خصصتها لبحث ودراسة «التنمّر»، وأظهرت نتائج البحث أن 39% من طلبة المدارس الخاصة و35% من طلبة المدارس الحكومية، في الدولة، تعرضوا للتنمّر، وهو ما يُبرز الحاجة المُلِحّة لاتخاذ تدابير أكثر جدية في مكافحة المشكلة، وحماية الطلبة من تأثيراتها السلبية. وبينت أن«التنمر» ينقسم بين اللفظي، والجسدي، وحتى الإلكتروني، ويمكن أن يصدر ليس فقط من الزملاء، بل أحياناً من المعلمين أو الإداريين، ومن هنا تبرز أهمية التصدي لهذه الظاهرة، بتوفير أدوات فعّالة لمساعدة الطلبة على مواجهتها، مع توعيتهم حول مخاطرها وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، لضمان عدم تأثرهم بتداعياتها السلبية.
وأكدت أن دراستها، التي بحثت فيها ظاهرة التنمر في المدارس، ركزت على وجهات نظر صانعي القرار وتجارب الطلبة، وهدفت إلى تحسين البرامج الحكومية، وتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة التنمّر، وكانت من النتائج الرئيسية لها تسجيل معدلات أعلى للتنمّر الإلكتروني في المدارس الخاصة، وأوضحت الدراسة تأثيرات التنمّر النفسي على الطلبة، إذ كان أكثر من نصف الطلبة المتأثرين ب«التنمر» يشعرون بالحزن أو القلق، كما أن العديد منهم اضطروا للتغيب عن المدرسة نتيجة تعرضهم للتنمّر.
وأشارت الدكتورة الفن الكتبي إلى أن«التنمر» يقع في أماكن ومرافق متعددة، في نطاق المدرسة، مثل الصفوف الدراسية، والممرات، والحافلات المدرسية، والملاعب. وتوصلت الدراسة إلى أن التنمّر اللفظي والعاطفي هما الأكثر شيوعاً، في حين أن التنمّر الإلكتروني أكثر انتشاراً في المدارس الخاصة.
آليات المُواجهة
وخلصت الدراسة إلى أن الطلبة بإمكانهم مواجهة «التنمر» من أي مصدر، عبر التحدث مع شخص موثوق، مثل الوالدين أو معلم أو مستشار نفسي، للمساعدة في تقديم الدعم النفسي، ووضع خطة للتعامل مع الموقف، والحفاظ على الهدوء والثقة بالنفس دون انفعال، لتجنب تفاقم الوضع. كما يُنصح الطالب بتجنب المواجهة المباشرة، وإذا كان التنمر متكرراً، يُنصح بتجنب الأماكن، التي يحدث فيها«التنمر» بشكل متكرر، للحد من التعرض له.
وأوضحت الفن الكتبي أن الدراسة شددت على أهمية تسجيل حوادث التنمر والإبلاغ عنها، فيجب على الطلبة توثيق حوادث التنمر، وإبلاغ الإدارة المدرسية عنها، لضمان اتخاذ الإجراءات المناسبة، والبحث عن الدعم الجماعي من خلال الانضمام إلى أندية أو مجموعات مدرسية، يمكن أن تعزز شبكة الدعم وتحد من شعور الطالب بالعزلة، مؤكدة ضرورة توعية الطلبة حول التنمر، وتكثيف البرامج التعليمية والتوعوية، مثل ورش عمل وحلقات توعوية تسلط الضوء على مخاطر التنمر، وكيفية التعامل معه، ما يساعد في تعزيز وعي الطلبة والمعلمين، وإشراك الطلبة في حملات مناهضة للتنمر، وتشجيعهم على المشاركة في حملات خاصة لمكافحته، ونشر ثقافة الاحترام المتبادل، ما يعزز فهمهم للظاهرة ويحد من انتشارها.
وقالت: يمكن إدراج«التنمّر» في المناهج الدراسية، ما يساعد في بناء وعي أكبر لدى الطلبة بكيفية التعرف على التنمّر والتصدي له، واستخدام وسائل التواصل المدرسية، مثل نشر مواد توعية، كالمقالات والملصقات والفيديوهات حول التنمّر داخل المدرسة، الأمر، الذي يرفع وعي الطلبة والمعلمين على حد سواء.
وأضافت أن الدراسة أبرزت ضرورة تعزيز الثقة بالنفس لدى الطلبة، عن طريق تنمية المهارات الشخصية، وتوفير برامج تدريبية لتنمية مهارات التواصل وحل المشكلات واتخاذ القرارات، ما يسهم في تعزيز ثقة الطلبة بأنفسهم، وبتقدير إنجازاتهم والاعتراف بجهودهم، مهما كانت بسيطة، ما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويشجعهم على المزيد من التقدم، كما يمكن توفير الدعم النفسي والاستشارات، بتقديم خدمات الإرشاد النفسي داخل المدرسة، لمساعدة الطلبة على التعامل مع مشاعرهم السلبية الناتجة عن التنمّر.
وأضافت أن تشجيع الطلبة على الأنشطة اللاصفية، بالانخراط في الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية، يعزز من شخصياتهم ويطور مهاراتهم الاجتماعية، مما يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التنمّر.
0 تعليق