بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مقطع فيديو جديدًا للجندي الإسرائيلي الأسير "عيدان ألكسندر"، وهو يحمل الجنسية الأميركية، ما أثار تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وأحدث صدمة سياسية وإعلامية في الداخل الإسرائيلي، في ظل تصاعد العمليات العسكرية في قطاع غزة.

رسائل مباشرة إلى نتنياهو وترامب

ظهر الجندي الأسير في الفيديو وهو يوجه رسائل شخصية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حيث بدا عليه الإرهاق واليأس، مؤكدًا أن "الوقت ينفد" وأنه "يفقد الأمل"، مشيرًا إلى أن القصف الإسرائيلي المتواصل يقترب يومًا بعد يوم من رأسه.

وقال عيدان في رسالته: "أعتقد أننا سنعود إلى الديار أمواتًا، لا يوجد ما أقوله، لا يوجد أمل"، في تعبير واضح عن الانهيار النفسي الذي يعانيه نتيجة احتجازه، واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يعكس مدى تأثير الحرب على الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة.

القسام تختتم الفيديو برسالة حاسمة

أنهت كتائب القسام الفيديو بعبارة مقتضبة لكنها تحمل دلالة استراتيجية قوية: "لن يعودوا إلا بصفقة"، ما يؤكد أن الحركة لا تزال متمسكة بموقفها الثابت برفض الإفراج عن أي أسير إسرائيلي إلا في إطار صفقة تبادل شاملة تضمن وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

رد فعل إسرائيلي سريع وتصعيد ميداني

في أعقاب نشر الفيديو، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الاتصال بعائلة الجندي الأسير عيدان ألكسندر، واصفًا الفيديو بأنه "دعاية قاسية من حماس"، فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تصعيد كبير في عمليات القصف والتوغل البري داخل قطاع غزة، كرد فعل مباشر على الضغوط النفسية المتزايدة.

وكانت حركة حماس قد أعلنت في وقت سابق عن موافقتها على إطلاق سراح الجندي الأسير وعدد من جثامين جنود إسرائيليين، ضمن مقترح أميركي تم التفاوض عليه في العاصمة القطرية الدوحة، لكن إسرائيل تراجعت في اللحظات الأخيرة عن تنفيذ الاتفاق، ما تسبب في انهيار المفاوضات.

تسريبات أميركية: إسرائيل أفشلت اتفاق الإفراج عن عيدان

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن مسؤولين أميركيين تفاوضوا بشكل مباشر مع حركة حماس في الدوحة، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان، مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين، لكن تدخل إسرائيل في اللحظات الأخيرة أفشل الاتفاق بالكامل.

وأشارت المصادر إلى أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان يراقب تطورات الصفقة باهتمام بالغ، خاصة أن الجندي يحمل الجنسية الأميركية، ما قد يعزز من صورته السياسية داخليًا في حال تمت الصفقة.

تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي

لاقى الفيديو تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول المستخدمون مقاطع منه وتعليقات تدور حول تفوق كتائب القسام في الحرب النفسية، وقدرتها على التأثير المباشر في الشارع الإسرائيلي وصناع القرار.

وكتبت مايا رحال: "كتائب القسام تبدع في الحرب النفسية في وقت يصرح فيه ترامب أن هناك صفقة شاملة تلوح بالأفق للإفراج عن الأسرى لدى حماس".

وغرد محمد نبتون: "أتساءل كيف لجيش يقتل من معه في الصف؟! ومع ذلك هؤلاء المُغسلة أدمغتهم لا يزالون يقاتلون في جيش لا يكترث بحياتهم ويعلمون أنه لو أُسروا لحدث لهم المثل".

أما خالد، فلفت إلى أن "أكثر ما يخيف نتنياهو في كلام الأسير هو الجزء الموجه إلى ترامب، لأن الأخير يحب ‘الشو’ بشكل عام، فضلا عن أن يكون من أميركي أسير، ولأن ترامب الوحيد الذي يمكنه فرض رأيه".

وكتب غريب: "الأميركان والصهاينة يعلمون أن القسام يعاملون الأسرى بأخلاق ورحمة لذلك يماطلون في صفقة المبادلة، بل إنهم باتوا اليوم يستخدمون أخلاق المسلمين لصالحهم.. ولكن لا أعتقد أن القسام تغفل عن هذا الأمر".

حماس: إطلاق سراح الأسرى مقابل وقف الحرب

بالتزامن مع نشر الفيديو، أصدرت حركة حماس بيانًا أكدت فيه أن "المعادلة واضحة: إطلاق سراح الأسرى مقابل وقف الحرب"، مشيرة إلى أن العالم بات يدرك عدالة هذه المعادلة، بينما يصر نتنياهو على مواصلة الحرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية على حساب أرواح جنوده.

كما توجه وفد من حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة لإجراء محادثات جديدة مع المسؤولين المصريين حول وقف إطلاق النار، في وقت أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب قدمت مقترحًا جديدًا قد يشكل أساسًا لجولة تفاوضية مقبلة.

تفوق إعلامي ورسائل استراتيجية

يُعد فيديو عيدان ألكسندر أحدث حلقة في سلسلة الأدوات الإعلامية التي تستخدمها كتائب القسام بفعالية ضمن إطار الحرب النفسية، والتي أثبتت قدرتها على توجيه رسائل مركزة تهز أركان المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتفرض شروطًا جديدة على طاولة المفاوضات، في ظل عدوان متواصل على قطاع غزة خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين.