نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاجتماعية الزائفة في زمن "السناب" - أحداث اليوم, اليوم الأحد 23 مارس 2025 09:36 مساءً
لفت انتباهي مؤخرا مشهد يتكرر، بات مألوفا لدى البعض: أشخاص يلقون بأنفسهم في كل مناسبة، حتى لو لم تُوجه لهم دعوة، فقط ليُقال إنهم كانوا "حاضرين". بل يتباهى بعضهم بعدد المناسبات التي حضرها في اليوم الواحد، وكأنها إنجاز اجتماعي يستحق الفخر.
يقول أحدهم "الحمد لله، اليوم لحقت 3 مناسبات إفطار!" وحين تسأله عن الهدف، تجده منشغلا بتقليب صوره مع "فلان وعلان"، وكأن الغاية الكبرى أن يظهر في "السناب" ليثبت أنه جزء من المشهد.
هنا يُطرح سؤال مهم: هل هذه هي "الاجتماعية" التي نبحث عنها؟
هل أصبح معيار الحضور هو عدسة الكاميرا، لا صدق النية وحرارة اللقاء؟
الأدهى من ذلك أن بعضهم بات يقلب الأدوار بجرأة غريبة؛ فإذا حضر إلى مجلس لا يعرف عنه إلا عنوانه، تجده يرحب بأصحاب المنزل في بيتهم، وكأنه المضيف وهم الضيوف! اختلال غريب في المفاهيم، وثقة مبالغ فيها لا تستند إلى ذوق ولا دعوة ولا مناسبة.
وما يزيد من خطورة هذه التصرفات أنها دخيلة على عاداتنا وتقاليدنا، وتُسهم - للأسف - في ترسيخ مفاهيم خاطئة لدى النشء. فحين يرى الجيل الصاعد أن الظهور مقدم على الذوق، وأن تجاوز الخصوصية طريق مختصر للوصول، يتشوه لديه مفهوم الذوق العام، وتختلط عليه القيم الحقيقية للعلاقات الاجتماعية.
الاجتماعية ليست فرض النفس على الناس، ولا اختراق المساحات الخاصة دون دعوة.
وليست مقياسا بعدد الصور المنشورة، أو مدى القرب من أصحاب الشأن.
الاجتماعية الحقيقية تنبع من وعي، من احترام النفس والآخرين، ومن رغبة صادقة في التقارب لا التصنع.
في زمن أصبحت فيه العلاقات تُقاس بعدد المتابعين، والوجاهة بعدد الصور مع المؤثرين، نحتاج أن نعيد تعريف مفهوم "الحضور".
فالظهور لا يعني القبول، والكثرة لا تعني القرب، والمجاملة الزائدة ليست بالضرورة نوعا من الذوق.
رمضان فرصة لمراجعة الذات لا تلميع الصورة.
دعونا نعيد للشهر الكريم معانيه.
دعونا نمارس "الاجتماعية" بنقاء لا نفاق، بحضور لا تصنع، وبقرب لا تكلّف.
دعونا نكون قدوة للجيل، لا عبئا عليه.
0 تعليق