نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العلاقات الثنائية بين الإمارات والسعودية: نموذج استراتيجي للتكامل والأخوة - أحداث اليوم, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 09:23 مساءً
تكتسب هذه التساؤلات أهمية بالغة في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات جيوسياسية متسارعة، وما تواجهه من تحديات أمنية واقتصادية وسياسية غير مسبوقة. فالعلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تمثل ركنا أساسيا من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأمن القومي العربي بشكل عام، إضافة إلى منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.
وتستند العلاقات الأخوية بين الإمارات والسعودية إلى أسس راسخة من التاريخ المشترك والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وتصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها. وقد شهدت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة تطورا هائلا وتقدما كبيرا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بدعم وتوجيه من القيادة الرشيدة في كلا البلدين الشقيقين.
ومن وجهة نظري، فإن دولة الإمارات دأبت منذ عهد مؤسسها، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على اعتبار السعودية عمقا استراتيجيا لدولة الإمارات، وسط محيط إقليمي متقلب، يسوده الاضطراب وعدم اليقين. وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة المضطرب يبرز التحالف الإماراتي - السعودي بوصفه إطارا استراتيجيا لتقارب وجهات النظر لدى البلدين الشقيقين بشأن الأولويات والتهديدات والفرص والتحديات.
والمؤكد أن العلاقات بين الإمارات والسعودية لم تكن قوية في أي مرحلة سابقة مثلما هي اليوم، فالبلدان تجمعهما رؤية مشتركة متكاملة تتأسس على أولويات تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية والتعاون الجماعي. وعلى الرغم من أن الدولتين في شراكة استراتيجية وتاريخية مع بقية دول الخليج العربية، ضمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، إلا أن العلاقات الإماراتية - السعودية بشكل خاص، كانت وما زالت تتميز بنمط استثنائي من التقارب والتناغم الشديدين.
ويعد مجلس التنسيق السعودي الإماراتي نموذجا استثنائيا للتكامل والشراكة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات على المستويين العربي والإقليمي عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية. وتشكل هذه المبادرات المؤسسية إطارا متينا للتعاون والتنسيق بين البلدين، وتعكس الإرادة السياسية القوية لدى القيادتين لتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في مختلف المجالات.
تشكل العلاقات الإماراتية السعودية عبر التاريخ ركيزة قوية للأمن الخليجي والعربي، بالنظر إلى تطابق وجهات نظر البلدين الشقيقين تجاه قضايا المنطقة، من خلال تعاونهما البنّاء والمثمر لما فيه صالح الشعوب الخليجية والعربية نحو مزيد من الاستقرار والازدهار.
وقد جاءت مواقف البلدين متسقة تجاه ما تتعرض له المنطقة العربية من أخطار كبيرة في مقدمتها التطرف والإرهاب، ومن ثم فإنهما يعملان معا من أجل بناء استراتيجية مواجهة عربية مشتركة وفاعلة لهذه الأخطار، من منطلق وعيهما بالمسؤولية التاريخية الملقاة عليهما، وما تنتظره منهما الشعوب العربية من دور فاعل في التصدي لما يعترض المنطقة من تهديدات تستهدف أمنها واستقرارها، ووحدة دولها، وتعايش شعوبها.
والمؤكد أن الأزمات الأخيرة التي شهدتها المنطقة زادت من الروابط بين البلدين على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية. وقد تجلى ذلك بوضوح في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، حيث وقف البلدان صفا واحدا في مواجهة التهديدات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة، وسطرت دماء شهدائهما ملحمة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
ويحظى البلدان بمكانة عالمية مرموقة بفعل ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات. وتحرص دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي على دعم العمل الخليجي المشترك وتبني المواقف التي تصب في وحدة الصف، وبما يعود بالخير على شعوب دول المجلس، ويمكنها من مواجهة الأخطار والتحديات الإقليمية والدولية.
لا تقتصر العلاقات الإماراتية - السعودية على المستوى الرسمي فحسب، بل تمتد لتشمل العلاقات الشعبية والروابط الاجتماعية والثقافية بين شعبي البلدين. فالروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية بين الشعبين الإماراتي والسعودي عميقة ومتجذرة، وتستند إلى إرث حضاري وثقافي مشترك، وقيم وتقاليد متشابهة، وعادات اجتماعية متقاربة.
وتشكل العلاقات بين البلدين نموذجا فريدا للأخوة الراسخة، المبنية على حُسن الجوار والمصالح المشتركة، فما يجمع دولة الإمارات والمملكة من أواصر الأخوة والعلاقات المتميزة يشكل نموذجا يحتذى به عبر مسيرة حافلة بالعطاء والعمل المشترك.
تشير المؤشرات والتوجهات الحالية إلى أن العلاقات الإماراتية - السعودية ستشهد مزيدا من التطور والنمو في المستقبل، في ظل الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين لتعزيز هذه العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات. وستظل هذه العلاقات ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، ونموذجا يحتذى به في العلاقات بين الدول العربية.
وعلى الصعيد السياسي والأمني، ستواصل الإمارات والسعودية تنسيق مواقفهما تجاه القضايا الإقليمية والدولية، والعمل معا لمواجهة التحديات والتهديدات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة. وستظل العلاقات بين البلدين نموذجا للتعاون والتنسيق في مواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق المصالح المتبادلة.
وفي الختام، يمكن القول إن العلاقات الإماراتية - السعودية تمثل نموذجا فريدا للعلاقات بين الدول، يتجاوز حدود التحالفات التقليدية والمصالح المشتركة، ليصل إلى مستوى التكامل الاستراتيجي والتلاحم المصيري. وقد استطاع البلدان، بفضل حكمة قيادتيهما، أن يؤسسا لشراكة استراتيجية متينة في ظل تحديات إقليمية ودولية متصاعدة، وأن يقدما نموذجا يحتذى به في العلاقات بين الدول العربية.
وستظل هذه العلاقات، كما عهدناها دائما، متجددة ومتطورة، تستجيب للمتغيرات والتحديات، وتستشرف المستقبل برؤية مشتركة وإرادة صلبة، لما فيه خير البلدين والشعبين الشقيقين، والمنطقة العربية بأسرها.
0 تعليق