كتب صابر سكر:

في واقعة تعكس مأساة التدخل الأسري في الحياة الزوجية، قضت محكمة جنايات دمنهور الدائرة الثامنة الجزائية، برئاسة المستشار عطية مطر، وعضوية المستشارين أحمد سعيد، وائل جمال، وأمين السر مينا منصور، بالسجن لمدة عام على المتهم بقتل حما شقيقته، وذلك في القضية رقم 28911 لسنة 2022 جنايات، والمقيدة برقم 1978 كلي جنوب دمنهور.

بداية القصة.. نزاع أسري يتحول إلى مأساة

القضية بدأت عندما تصاعدت الخلافات داخل منزل عائلي يضم أبناء الأسرة تحت سقف واحد، حيث كان كل فرد يعيش مع أسرته في شقة مستقلة داخل البيت الكبير، بينما يجمعهم جميعًا مائدة الطعام، والأطفال يلهون بين أحضان الأجداد.

بعد زواج دام ثماني سنوات وإنجاب طفلين، سافر الزوج للعمل خارج البلاد، تاركًا زوجته وأطفاله في منزل العائلة، حيث بدأت المشكلات بسبب تدخل الجد (حما الزوجة) في شؤون زوجة ابنه، منتقدًا إدارتها للمنزل وتربيتها للأطفال والأهمال الشديد في النظافة.

تكررت المشاحنات، مما دفع الزوجة إلى مغادرة منزل الزوجية والعودة إلى بيت والدها، ليقوم حماها لاحقًا بإرسال ملابسها وأغراض أطفالها معها، في إشارة إلى إنهاء العلاقة الزوجية ، رغم أن اهل الزوج والزوجة فضلاً عن المصاهرة تربطهما علاقة القرابة.

يوم الجريمة.. لحظة غضب تنتهي بمأساة

رغم تدخل الوسطاء، عادت الزوجة إلى منزلها، لكن الخلافات لم تهدأ. وفي أحد الأيام، وبعد نقاش حاد، طرد الحما زوجة ابنه مرة أخرى، مانعًا إياها من أخذ أطفالها معها.

غادرت الزوجة إلى منزل والدها وهي في حالة انهيار، تشكو لأخيها مما حدث، مضيفة أن حماها هددها بتصوير شقتها ونشر الفيديو على الإنترنت، لفضح إهمالها في نظافة المنزل.

لم يتمالك الأخ نفسه، فهرع إلى منزل الحما لاستعادة الأطفال. لكن عندما وصل، وجد أفراد العائلة في حالة من الفزع والصياح، وأبواب المنزل مغلقة.

وبينما كان الحما يسير في الشارع، اشتعل غضب الأخ، فاندفع نحوه وسحب سكينًا من جيبه، مهددًا إياه بها. في محاولة للدفاع عن نفسه، أمسك المجني عليه بملابس المتهم، إلا أن الأخير عاجله بطعنة قاتلة في ظهره، أسقطته أرضًا غارقًا في دمائه، بينما فر الجاني هاربًا إلى الحقول المجاورة.

التحقيقات وإصدار الحكم

ألقت الشرطة القبض على المتهم، وبعد التحريات وسماع الشهود، تم التوصل إلى مقطع فيديو وثّق لحظة الطعن. وجهت النيابة العامة للمتهم تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، استنادًا إلى تعمده استخدام سلاح أبيض (سكين) وتهيئته للأمر مسبقًا، مما أدى إلى وفاة المجني عليه في الحال.

ورغم أن الجريمة كانت تستوجب عقوبة أشد، فإن المحكمة رأت في ظروف القضية وملابساتها، إضافة إلى تنازل ورثة المجني عليه عن حقهم في القصاص بعد قبول الدية، مبررًا لتخفيف العقوبة، مستندة إلى المادة 17 من قانون العقوبات. وبناءً عليه، قضت المحكمة بحبس المتهم لمدة سنة واحدة مع الشغل، مع مصادرة السلاح الأبيض وإلزامه بالمصاريف الجنائية.