فسيخ نبروه.. وجبة فرعونية تنتعش في احتفالات الربيع - أحداث اليوم

تجذب مدينة نبروه التابعة لمحافظة الدقهلية في مصر، خلال تلك الفترة من كل عام، عشاق الأسماك المملحة، إذ تحظى المدينة، بشهرة تاريخية عريضة في إنتاج مختلف أنواع الأسماك المملحة بجودة عالية.
تنتشر محال بيع الأسماك المملحة في نبروه، حتى لا يكاد يخلو شارع واحد في المدينة المكتظة بالسكان منها، وهو ما يكشف جانباً مهماً من تاريخ تلك الصناعة التي تتناقلها الأجيال المتعاقبة من أبناء المدينة، حتى أصبحوا «ملوك الفسيخ» في مصر.
تضرب مهنة تمليح الأسماك وتجفيفها في جذور التاريخ المصري القديم، وإن ارتبطت في العصر الحديث باحتفالات الربيع، وتشير العديد من الدراسات التاريخية إلى براعة المصريين القدماء في حفظ الأسماك وتجفيفها، بل استخراج البطارخ من بعض أنواعها، وهو ما تكشف عنه أواني الطعام التي عثر عليها في العديد من المقابر الأثرية، وتضمنت العديد من أنواع الأسماك النيلية المحنطة والمجففة في عصور مختلفة.
ويقول د. أحمد عامر، الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات: «كان المصريون يرسلون الأسماك بعد صيدها إلى الأسواق، فيأكلون الأنواع المفضلة عندهم طازجة؛ مثل قشر البياض والبلطي، أما الأنواع الأخرى فكانوا يشقون بعضها من منتصفها، ويقومون بتمليحها قبل أن يعلقوها على حبال في الشمس، أو يتركوها في تيار الهواء الجاري لتجف تماماً، وفي بعض الأحيان يشقون السمكة بالسكين شقاً طويلاً من الرأس إلى الذيل، بحيث يفصل الجانبان عن عظمة الظهر».
وكانت الأسماك المملحة تُؤكل بكثرة في احتفالات الربيع كل عام، ومن أشهر أنواعها الملوحة والفسيخ؛ إذ كان المصريون القدماء يعتقدون أن أكل هذه الأنواع من الأسماك المملحة، مفيد للصحة، خصوصاً إذا تزامن ذلك مع وقت معين من السنة.
ويقول د. حسن حسونة، أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث، إن الأسماك المملحة، مثل الفسيخ والسردين والملوحة والرنجة والأنشوجة، التي يقبل المصريون على تناولها في احتفالات الربيع، تتميز بفوائد غذائية عديدة، فهي تحتوي على قيمة غذائية عالية، نظراً لاحتوائها على البروتين، الذي يضم جميع الأحماض الأمينية الأساسية، كما أنها مصدر مهم للكالسيوم والفوسفور الضروريين لصحة العظام والأسنان.
ويضيف: الأسماك المملحة، وفقاً للمعايير القياسية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الغذاء والدواء الأمريكية، هي الأسماك التي تُخلط بالملح عالي الجودة وبنسبة لا تقل عن 12% من وزن السمكة، وأسماك السردين من أهم الأنواع التي تعد مصدراً مهماً للكالسيوم و«أوميجا 3».