نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تمكين الجمعيات الصحية.. شريك لا غنى عنه في صناعة القرار الصحي - أحداث اليوم, اليوم الاثنين 17 مارس 2025 05:24 صباحاً
شراكة ضرورية وليست تكميلية
لطالما كانت الجمعيات الصحية أكثر من مجرد كيانات تطوعية؛ فهي عيون المجتمع على القطاع الصحي، تنقل صوته، وتسلط الضوء على مشاكله، وتقترح الحلول بناء على دراسات وتجارب ميدانية. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تظل غائبة عن الطاولة التي تُصنع عليها السياسات الصحية، مكتفية بدور المستشار أو المراقب، بدلا من أن تكون شريكا فعليا في رسم مستقبل الصحة العامة.
فالجمعيات الصحية تمتلك كنزا من المعلومات والخبرات التي تتيح لها تقديم رؤية دقيقة حول واقع الخدمات الصحية، فضلا عن دورها في رصد احتياجات المرضى والممارسين الصحيين على أرض الواقع. هذه الجمعيات لا تقتصر على التوعية أو تقديم الخدمات المباشرة، بل تمتد إلى دعم الأبحاث الطبية، وطرح مبادرات للحد من انتشار الأمراض، وتقديم حلول مستدامة للقطاع الصحي.
عوائق تُضعف التأثير
ورغم هذا الدور الحيوي، تواجه الجمعيات الصحية عدة تحديات تحدّ من تأثيرها في القرارات الصحية الكبرى. أول هذه التحديات هو غيابها عن المجالس الاستشارية الصحية، حيث لا يتم منحها مقاعد رسمية في اللجان التي تصوغ السياسات الصحية، مما يجعل قرارات تلك اللجان في بعض الأحيان بعيدة عن الواقع الفعلي لاحتياجات المواطنين.
أما التحدي الآخر، فهو ضعف التمويل. معظم الجمعيات تعتمد على التبرعات والمنح، ما يجعلها تعاني من عدم الاستقرار المالي، وهو ما يعيق تنفيذ برامجها طويلة الأمد. كما أن الإجراءات البيروقراطية المعقدة والتشريعات المقيدة تحدّ من قدرتها على التحرك بمرونة والمشاركة الفعالة في صنع القرار الصحي.
إصلاحات مطلوبة.. وتمكين حتمي
لإصلاح هذا الخلل، يجب إعادة النظر في آلية إشراك الجمعيات الصحية داخل المنظومة الصحية، بحيث تتحول من دورها التقليدي كجهة داعمة إلى شريك حقيقي في اتخاذ القرار. فمنح الجمعيات الصحية مقاعد رسمية داخل اللجان الصحية العليا سيضمن تمثيلا أكثر واقعية لاحتياجات المجتمع. كما أن توفير دعم مالي مستدام لهذه الجمعيات، سواء من خلال ميزانيات حكومية أو عبر شراكات مع القطاع الخاص، سيمكنها من العمل بفاعلية واستقلالية.
إلى جانب ذلك، يجب تسهيل القوانين والإجراءات التي تحكم عمل هذه الجمعيات، وتمكينها من استخدام التقنيات الحديثة والمنصات الرقمية لنقل رؤاها إلى صناع القرار بشكل أكثر تأثيرا.
القرار لا يكتمل دونهم
ختاما، لقد أثبتت التجارب العالمية أن الأنظمة الصحية الأكثر نجاحا هي تلك التي تدمج بين الحكومة والمجتمع المدني في وضع السياسات الصحية. فتمكين الجمعيات الصحية ليس مجرد مبادرة تحسين، بل هو ضرورة تفرضها الحاجة إلى نظام صحي أكثر شمولية واستجابة لاحتياجات المواطنين. حان الوقت لأن تتحول هذه الجمعيات من مجرد مراقب إلى صانع قرار، لأن القرار الصحي الذي لا يستند إلى خبراتها وتجاربها يبقى قرارا ناقصا، لا يعكس الصورة الحقيقية لمتطلبات المجتمع الصحية.
M0hammed_O1@
0 تعليق