"يوم التحرير" حرب تجارية عالمية - أحداث اليوم

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"يوم التحرير" حرب تجارية عالمية - أحداث اليوم, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 10:12 مساءً

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل الجاري عن تعريفات جمركية جديدة في تصعيد كبير لحربه التجارية واصفا هذه الخطوة بأنها إعلان استقلال اقتصادي، وتتضمن "تعريفة أساسية دنيا" بنسبة 10% و"تعريفات تجارية متبادلة" أعلى على السلع من حوالي 60 دولة، ويرى خبراء الاقتصاد بأن رهان ترامب لمعالجة الممارسات التجارية قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتكاليف على الشركاء التجاريين والمستهلكين الأمريكيين أيضا.

هناك أمران واضحان بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف على الشركات والمستهلكين. أولا، نحن ندخل حقبة جديدة من العلاقات التجارية والاقتصادية. ثانيا، سيكون عدم اليقين سمة مميزة لكثير من التجارة العالمية في المستقبل المنظور، ليس فقط فيما يتعلق بإمكانية فرض المزيد من التعريفات الجمركية (الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل أو العام المقبل) ولكن أيضا فيما يتعلق باستقرار وموثوقية علاقات الولايات المتحدة مع شركائها التجاريين والتداعيات العالمية الناتجة عن ذلك.

أصبحت عملية اتخاذ القرارات الإدارية أكثر تعقيدا. فكل شركة، بغض النظر عن قطاعها أو موقعها، بحاجة إلى دمج التعريفات الجمركية وما يرتبط بها من عدم اليقين في نموذج التخطيط والتشغيل الخاص بها.

قبل الثاني من أبريل العام الجاري، كانت إدارة ترامب الثانية تستهدف أو تهدد بفرض تعريفات جمركية على عدد من الشركاء التجاريين (مثل الصين والمكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي) وصناعات (مثل السيارات والصلب والألمنيوم). أما الآن فقد فرض الرئيس ترامب تعريفات جمركية واسعة النطاق تهدف إلى موازنة اختلالات التجارة بين الولايات المتحدة وشركائها الدوليين.

ومن المقرر أن يتم تطبيق التعريفات الجمركية الجديدة بسرعة، حيث دخلت التعريفة الأساسية العالمية البالغة 10% حيز التنفيذ في 5 أبريل، والتعريفات الجمركية الخاصة بكل بلد في 9 أبريل. وقد تم إعفاء كندا والمكسيك من التعريفات الجمركية الأخيرة، لكنهما لا تزالان خاضعتين لرسوم سابقة، مع بعض الإعفاءات القطاعية والخاصة بالمنتج، فضلا عن التعريفات الجمركية العالمية على الصلب والألمنيوم مع استثناءات لبعض المنتجات التي تعتبر مهمة للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، بما في ذلك الأدوية، وأشباه الموصلات، وبعض المعادن، والمعادن، وموارد الطاقة.

من المتوقع أن تسعى معظم الدول المتضررة إلى التفاوض مع إدارة ترامب، والرد بفرض رسوم جمركية إضافية على منتجاتها أو بتدابير تجارية وغير تجارية أخرى. فعلى سبيل المثال، أعلن الاتحاد الأوروبي عن مهلة أربعة أسابيع للتفاوض قبل اتخاذ إجراءات عكسية. وقد تُفتح جبهة جديدة في حرب الرسوم الجمركية بفرض رسوم على الخدمات الأمريكية (مثل خدمات بث الإنترنت، والحوسبة السحابية، والبرمجيات)، وهي قطاعات ضخمة من الاقتصاد الأمريكي ظلت حتى الآن بمنأى عن الصراع.

ولكن ماذا يعني ذلك؟
منذ دخول الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية حيز التنفيذ في عام 1947 تعد هذه أكبر التغييرات في نظام التجارة العالمي، ويبدو أن خطوة الرئيس ترمب تعني أن الولايات المتحدة لن تتبع بعد الآن مبدأ "الدولة الأكثر رعاية" (MFN)، الذي يتطلب من كل عضو في منظمة التجارة العالمية تطبيق معدلات التعريفة الجمركية نفسها على جميع شركائها التجاريين في منظمة التجارة العالمية (ما لم تكن اتفاقية التجارة الحرة سارية المفعول).

إن الرد من العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين يعني، في الواقع، نهاية مبدأ الدولة الأكثر رعاية ويمثل بداية مفاوضات ثنائية مطولة بشأن معدلات التعريفة الجمركية الخاصة بكل بلد وخطط التنفيذ. فيمكن أن تكون كل "صفقة" مميزة بنطاقها المحدود للأطراف المعنية. ويمكن أن تمتد العوامل في هذه المفاوضات (وهذا يحدث بالفعل) إلى ما هو أبعد من الاعتبارات الاقتصادية لتشمل قضايا مثل أمن الحدود والهجرة والإنفاق على الدفاع الوطني.

قد تزيد الرسوم الجمركية الجديدة من قوة الدولار (رغم أن تأثيرها الأولي كان سلبيا) وترفع أسعار مدخلات المواد الخام، مما يعني أن استخدام الولايات المتحدة كقاعدة تصنيع للصادرات العالمية يصبح أقل تفضيلا نسبيا. وتتاح للمنافسين من الصين وأوروبا وأسواق أخرى فرصة نادرة لانتزاع حصة عالمية من الشركات الأمريكية، التي يتعين عليها الآن إيجاد طريقة لخدمة الأسواق العالمية من مصانعها غير الأمريكية. وقد تدخل الخدمات الأمريكية أيضا في نطاق الرسوم الجمركية.

فهل ينبغي للشركات الأمريكية توسيع نطاق حضورها المحلي؟ وهل ستوسع الشركات الأجنبية استثماراتها الأجنبية المباشرة في قطاع التصنيع في الولايات المتحدة؟ ما هو تأثير الدولار؟ هل سيخفض الكونجرس معدلات ضريبة الشركات؟ وهل ستستمر الرسوم الجمركية الحالية على مدى خمس أو عشر سنوات؟ هل يمكن لتقنيات مثل الروبوتات أن تخفض تكاليف العمالة في المصانع المُعاد ترميمها؟ هل سيُعوّض تأثير تحرير التجارة خلال الـ12 إلى 18 شهرا القادمة ارتفاع التكاليف في مجالات أخرى؟

إذا أصبحت التعريفات الجمركية الخاصة بكل دولة والمفاوضات الثنائية أمرا طبيعيا، فإن القدرة على المناورة بين مصادر التوريد ومواقع التصنيع تكتسب أهمية جديدة. كيف يمكن للشركات تعزيز مرونة سلاسل التوريد وشبكاتها دون زيادة العبء على هياكل تكاليفها؟ قد تحتاج الافتراضات حول الإنتاج منخفض التكلفة وأنواع القيمة التي يمكن للموردين إضافتها إلى إعادة نظر جذرية.

فعلى الشركات أن تتكيف بسرعة مع الواقع الجديد المتمثل في التعقيد والتكلفة. وستكون القدرة على ذلك أساسا للميزة التنافسية في المستقبل المنظور.

وفي ظل هذه الخلفية، تظل دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية غير متضررة نسبيا بالمقارنة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تحافظ على فائض تجاري مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست في عام 2024، فقد فرض ترامب تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10% على هذه الدول، بما يتماشى مع التعريفات الجمركية التي تطبقها على السلع الأمريكية.

وأخيرا، في حين تشكل حرب الرسوم الجمركية العالمية تحديات جديدة، فإنها تتيح أيضا فرصة للمملكة لتسريع جهودها في تنويع اقتصادها وتعزيز شراكاتها التجارية الإقليمية. ومن خلال التصدي الاستباقي لهذه التحديات، فيمكن تحويل هذه التحديات إلى ميزة من خلال التركيز على الاعتماد على الذات والقدرة التنافسية. وستكون التدابير الاستباقية، والتحالفات التجارية الاستراتيجية، والاستثمار المستمر في البنية التحتية عوامل أساسية لتجاوز الاضطرابات الاقتصادية. وبفضل أساسياتها القوية وتخطيطها الاستراتيجي، تتمتع المملكة بمكانة جيدة تمكنها من الظهور بقوة في مشهد التجارة العالمية المتطور.

HIJAZMUSLEH@

أخبار ذات صلة

0 تعليق